Press "Enter" to skip to content

الدقة للبيانات المكانية الجغرافية

SiteAdmin 0
3.9
(12)

لا يكاد يخلو تطبيق يقدم خدمة حكومية او خاصة حول العالم إلا ويكون من ضمن عناصر التطبيق الأساسية عملية تحديد الموقع الجغرافي واستخدام الخرائط لتحديد ذلك. انتشار استخدام الخرائط بشكل موسع اظهر مشاكل هامة تتعلق بالدقة المكانية لهذه الخرائط يلاحظها المستخدم العادي الذي لا يملك معرفه جيدة في الخرائط. كمختص في نظم المعلومات الجغرافية أرى أن هذا الخلل في دقة تحديد الموقع الجغرافي المؤثر على دقة الخرائط يعود بشكل أساسي الى عدة عوامل أهمها: عدم وجود المختصين المؤهلين الذي يمكنهم التعامل مع مشاكل البيانات المتفرقة او البيانات التي بصيغ مختلفة او تلك البيانات الجغرافية ذات المساقط الجغرافية المختلفة.
قبل الحديث عن الأسباب المؤثرة على الدقة المكانية تجدر الإشارة الى توضيح المقصود بالدقة المكانية Spatial Accuracy و المفهوم الاخر الإحكام والانضباط المكاني Spatial precision . يمكن تعريف الدقة المكانية Spatial Accuracy على أنها الدرجة أو القرب الذي تتطابق به المعلومات الموجودة على الخريطة مع القيم الموجودة في العالم الحقيقي. لذلك ، عندما نشير إلى الدقة ، فإننا نتحدث عن جودة البيانات وعدد الأخطاء الموجودة في مجموعة بيانات معينة. و في بيانات نظم المعلومات الجغرافية ، يمكن إحالة الدقة إلى الموقع الجغرافي ، ولكن يمكن الرجوع إليها أيضًا إلى السمة ، أو الدقة المفاهيمية.
بينما تشير الاحكام والانضباط Precision إلى مدى دقة وصف البيانات. قد تكون البيانات الدقيقة غير منضبطة ومحكمة ، لأنه قد يتم وصفها بدقة ولكن تم جمعها بشكل غير دقيق. (ربما أخطأ المساح الذي قام بجمع البيانات ، أو تم تسجيل البيانات بشكل خاطئ في قاعدة البيانات).
يشير جورج تشو في 2005 الى أن أول مؤشر يدل إلى وجود مشكلة خطيرة مع البيانات الجغرافية المكانية هو عند وقوع حادثً ما. حيث يتضح ذلك جليا في عدم الدقة في تحديد موقع هذا الحادث او التأخر في الوصول الفرقة لمباشرة الحادث بسبب ان الطرق المؤدية غير دقيقة او من خلال عدم دقة المواقع المجاورة له. وهذا كله ينشأ من:
• بيانات غير دقيقة
• بيانات غير مكتملة
تكلف عدم الدقة في الخرائط خسائر سواء على الفرد او المؤسسات تصل الى ملايين الدولارات, ففي بعض الدول على سبيل المثال يعانى أصحاب الأراضي الذين بنوا منازلهم في مواقع خطرة بسبب عدم دقة الخرائط في تحديد مناسيب الارتفاع والتي اعتمدوا عليها في اخذ التراخيص من عدم وجود تأمين ضد هذه المخاطر الطبيعية مثل الفيضانات.
ومن الامثلة الاخرى والتي تكلف ارواح بشرية عند وقوع اخطاء في الخرائط هي ماذكرته Awang من وقوع وفيات لأفراد في مكافحة حرائق الغابات في استراليا نتيجة اختناق الدخان بسبب أن الخريطة المستخدمة من قبل هؤلاء الافراد غير دقيقة و غير محدث فيها طرق الممرات والمنحدرات في المنطقة الجغرافية المشتعله.

ويمكن تلخيص اهم العوامل التي تجعل هذه الخرائط غير دقيقة الى :
1. وجود اكثر من جهة توفر البيانات المكانية (سواء على المستوى الحكومي او الخاص) أي لا يوجد جهة واحدة معتمدة لتقديم البيانات.

الخريطة ادناه تعرض بعض البيانات والتي تم جمعها بمقياييس رسم مختلفة. ونرى ان شبكة القطارات باللون الأحمر دقتها تقريبا 10 متر بينما نفس الشبكة والتي مصدرها جهة أخرى باللون الأزرق دقتها ضعيفه تصل مئات الأمتار (المصدر , Esri )

الخريطة أدناه هنا نشاهد الفرق بين الخريطتين لنفس الموقع ولنفس شبكة القطارات حيث يصل الاختلاف الى 4 كلم . (المصدر , Esri )

2. ضعف او غياب المسؤولية القانونية في توفير بيانات غير دقيقة.
3. قلة كفاءة المستخدمين في التعامل مع البيانات المكانية والقدرة على تقييم جودة البيانات.

أولا: فيما يتعلق بالسبب الأول المتعلق بتعدد موفري البيانات. فإن تأثير هذا العامل يتضح في التالي:
– غياب الكيفية في التأكد من أن البيانات المقدمة دقيقة وموثوقة.
– تعدد الإجراءات للحصول على البيانات من اكثر من جهة واختلاف دقتها من جهة الى أخرى.
– تفتقد عمليات جمع البيانات المكانية وانتاجها الى التشريعات النظامية والقانونية وبالتالي لا تخضع الى الرقابة اللازمة لتحقيق جودة البيانات الجغرافية المكانية وموثوقيتها .

ثانيا: غياب المسؤولية القانونية عند تقديم بيانات خاطئة وغير دقيقة او محدثة والذي قد يسبب خسائر مادية او بشرية لذا من المهم تحديد المسؤوليات وتوضيح للمستخدمين ومنتجي البيانات ماهي المخاطر المحتملة والمشاكل التي يمكن ان تنتج بسبب عدم مراعاة الإجراءات اللازمة لجودة البيانات المكانية ودقتها.

ثالثا فيما يتعلق بالعامل الثالث المؤثر في دقة البيانات هو قلة كفاءة المستخدمين الذين يتعاملون مع الخرائط في معرفة جودة البيانات والقدرة على تقييمها. وهذا من العوامل الهامة والتي نراها بشكل ملحوظ في التطبيقات التجارية التي تعتمد على الخرائط في تقديم خدماتها حيث ان هذه الخرائط تفتقر الى الدقة في بياناتها المكانية والوصفية بالإضافة الى عدم تحديثها بشكل مستمر . كما أن هذه الخرائط تفتقد الى الاستفادة من المزايا المتعددة للخرائط مثل اختيار القياسات المختلفة او اظهار التفاصيل اكثر للبيانات الجغرافية والمسميات وغيرها من المزايا التي تزيد من قوة هذه الخرائط وفائدتها.

وفي ختام المقال نود الإشارة الى ان ما تم ذكره أعلاه هو عرض فقط للعوامل التنظيمية والتشريعية التي تؤثر على الدقة المكانية سواء بشكل إيجابي او سلبي ولم نتطرق هنا في المقال الى العوامل المادية مثل نوع الاجهرة المستخدمة ومدى دقتها وتطورها سواء المستخدمة في عمليات جمع البيانات المكانية او في عمليات معالجتها وتصحيحها والتي بلا شك لا تقل أهمية عن ماتم ذكره في المقال.

ما مدى فائدة هذا المنشور؟

انقر على النجمة للتقييم !

متوسط التقييمات 3.9 / 5. عدد التقييمات: 12

لا توجد تقييمات حتى الآن! كن أول من يقيم هذا المنشور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *